إدماج عقود المعاونات في الفقه الإسلامي، وتطبيقها على بعض العقود: التأمين التكافلي نموذجا

الملخص

تقسم العقود في الفقه الإسلامي عدة تقسيمات باعتبار مشروعيتها، أو صحتها، أو تسميتها، أو لزومها، أو تبادل الحقوق فيها، إلى غيرها من التقسيمات. وبخصوص معيار تبادل الحقوق تصنف إلى صنفين: عقود معاوضات وعقود تبرعات. ويضيف بعض الفقهاء صنفا ثالثا يسمونه: عقود تحوي معنى التبرع ابتداء، والمعاوضة انتهاء. وبالتأمل في الموضوع، بدا لنا اقتراح صنف ثالث متميز قائم الذات تحت اسم: عقود المعاونات، يحمل بعض خصائص عقود المعاوضات وبعض خصائص عقود التبرعات، بالإضافة إلى خصائصه الذاتية. ويرجع هذا الاقتراح من جهة لتعدد التكييف الفقهي لمعاملات وعقود مستجدة. وما نتج عنه من إرباك عموم المسلمين والدارسين والمفتين والمهتمين من غير المسلمين، ومن جهة ثانية لانتشار العقود والمعاملات التعاونية في هذا العصر، في مجالات: التسوق والصحة والسكن والتأمين والفلاحة والصناعة وتداول الأموال (جمعيات الموظفين وتسمى في المغرب: دَارَتْ واشتققتُ لها اسم: التَّدَاوُرُ) وغيرها. فلاح لنا أن "اقتراح عقود المعاونات" سيسهم في الحد من هذا الاضطراب، والتأصيل لعقود كامنة في الفقه، وجرى بها عمل المسلمين منذ المجتمع الإسلامي الأول إلى يومنا هذا، مع إقرار الرسول ﷺ  لبعض صورها كالنهد والدية على العاقلة، وإقرار الفقهاء عبر التاريخ للعديد منها تحت مسميات وتكييفات متعددة: كالوقف، وهبة الثواب، والنهد، والتبرع.. أو حتى بدون تكييف أو تسمية. كما أن القرآن الكريم والسنة النبوية، واجتهادات الفقهاء حافلة بالحض على التعاون وصوره المختلفة، مما يسهل ويدعو لتأصيل عقود المعاونات، باعتبار التعاون أحد أحكام الشريعة ومقاصدها. ومع ذلك لم يتم تأصيل ولا إدراج لعقود المعاونات في الفقه، لكن عددا من العلماء قديما وحديثا اهتموا بالموضوع بشكل عارض، رغم أنهم لم يفردوه بكتاب أو بحث خاص به. ولما كان الأصل في العقود والمعاملات الإباحة، فإن المجتمع المسلم يصنعها ويبتكرها وفقا لحاجته ومصلحته، ودور الفقيه أن يحكم عليها وفق ضوابط شرعية بالإبطال أو التصحيح أو التعديل. من أجل ذلك استخرت الله لجمع شتات الموضوع في بحث مفرد، مع تأصيل وتركيب جديد لعقود المعاونات، خصوصا أن تركيب العقود ليس جديدا ولا طارئا على الفقه الإسلامي، كما أن أنواع التركيب وحالاته التي لا يترتب عليها محرم: يكون على أصل الإباحة في المعاملات المالية.