التَّعليمُ عن بُعدٍ بينَ النِّسبةِ الغربيَّةِ والتأصيلِ العربيِّ، تعليمُ اللغةِ العربيَّةِ عن بُعدٍ نموذجًا

الملخص

تتناول هذه الدراسة قضيةً حديثةً ومُتجددةً في جميع أنواعِ التعليم بشكل عامٍّ وفي تعليم اللغةِ العربيةِ بوجهٍ خاصٍّ؛ ألا وهي قضيةُ التعليمِ عن بعد، وقد شَرَعَ باحثُو الغربِ منذِ زمنٍ ليسَ بالقريب يذكرون هذا النوع من التعليم ويوضِّحونَ أنه وليدُ الثورةِ الصناعية الحديثةِ في أوربا منذُ تم اكتشافُ المحرِّكِ البخاري واسْتُخْدِمَ في قطاراتِ السكك الحديدية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، ومنذ ذلك الحين بدأ استخدام القطارات في نقل المواد التعليمية لمسافات طويلة للطلاب الذين يجدونَ صعوبةً في التعليم المباشر، مما ترتب عليه نشأةُ التعليم عن بُعدٍ؛ وقد تابع جَمٌّ غفيرٌ من علماء العرب هذا المبدأ الذي ينسبُ نشأة التعليم عن بعدٍ للغرب دون غيرِهم؛ وتلك الدراسة التي هي بين يدي القارئِ قد استخدَم فيها الباحث المنهج الوصفي ليُثبت بالدلائل القاطعةِ أن التعليم عن بعدٍ بمعناه الأوليِّ البسيط الذي يحمل ما أطلقَ عليه باحثو الغرب اسم "التعليم بالمراسلة" إنما هو وليدُ حضارتنا العربية الإسلامية، ويرجعُ الفضلُ في ذلك إلى علماء الحديث النبوي الشريف عند حديثهم عن طُرُق تحمُّلِ العلم وأدائهِ، وتوضيحهم لهذه الطُّرُق، ووصفها وصفًا غايةً في الدقة مع بيان أنواعها المختلفة وكيفية حدوثِها، وقد أثبتت هذه الدراسةُ أنَّ من هذه الطُّرُق ما يجوز أن تكونَ طُرُقًا غيرَ مباشرةٍ أو طُرُقًا عن بعدٍ، وقد قام الباحث في هذه الدراسة بنقل مجال البحث من طُرُقِ التحمُّل والأداء في علم الحديث النبوي الشريف عن بُعدٍ إلى طُرُقِ التحمُّل والأداء عن بعدٍ في مجال اللغة العربية بفروعها المختلفة؛ موضحا أنَّ علماءَ اللغة العربيةِ قد ذكروا كثيرًا من تلك الطرق في المؤلفات العربية منذ وقتٍ بعيدٍ يسبقُ ظهور التعليم بالمراسلة في بلاد الغرب بقرونٍ طويلةٍ.